دراسة الحالة
دراسة الحالة وهي الخطة التي يقوم بوضعها أحد المختصين للعمل الذي سيكون بينه وبين العميل الذي يرتبط معه، وذلك لكي يتعرف على مجموعة من الحقائق الاجتماعية والنفسية ومن أجل الوصول لتشخيص دقيق يساعد الشخص على إنشاء خطة عمل ناجحة بكافة المقاييس.
تعرف دراسة الحالة(بالإنجليزية:) Case Study على أنها بحث أو دراسة مكثفة وعميقة عن شخص، أو مجموعة أشخاص، أو وحدة عن طريق دراسة بيانات متعلقة بمجموعة متغيرات عن الحالة بهدف إيجاد تعميم يناسب عدة فئات في البحث، وتعدّ دراسة الحالة أحد منهجيات البحث التي يُشاع استخدامها في أبحاث العلوم الإنسانية والاجتماعية.
تُجمَع البيانات المتعلقة بدراسة الحالة من مصادر مختلفة بطرق عديدة منها؛ الملاحظة والمقابلات، وبدأ استخدام طريقة دراسة الحالة في دراسة الحالات المرضية؛ كدراسة التاريخ المرضي للشخص المريض، وشاع استخدامها أيضاً في دراسة الأمراض النفسية، وذلك بجمع المعلومات المتعلقة بالمريض على شكل سيرة ذاتية تحتوي على أحداث في ماضي المريض وحاضره، وتتضمن دراسة الحالة عادةً طرقاً وصفيةً في البحث، ولكنّها تستخدم أحياناً طرقاً كميةً في بعض الحالات، وتُعتبر دراسة الحالة مفيدةً في وصف، ومقارنة، وتقييم، وتفسير مظاهر متعددة من مشكلة البحث.
يُساعد نهج دراسة الحالة في دراسة الأحداث المهمة، والتداخلات، وتطور السياسات، والإصلاحات المبنية على برامج معينة، وذلك عن طريق دراستها بالتفصيل في سياق الحياة الواقعية.
أنواع دراسة الحالة:
يوجد هناك عدّة أنواع من دراسة الحالة تتميز عن بعضها بحسب الطريقة المتبعة في البحث والهدف من إجرائها، وفيما يأتي بعض أنواع هذه الدراسات:
1- دراسات الحالة الجماعية: تشمل دراسة مجموعة من الأفراد في بيئة معينة أو دراسة مجتمع كامل.
2- دراسات الحالة الوصفية: تبدأ هذه الدراسات بنظرية وصفية، ثم تُقارن المعلومات التي تمّ التوصل إليها مع النظرية الموجودة مسبقاً.
3- دراسات الحالة التفسيرية: تُستخدم لإجراء تحقيقات سببية، أيّ أنّ الهدف منها معرفة إذا كانت بعض العوامل سبباً في حدوث أشياء معينة.
4- دراسات الحالة الاستكشافية: تُقدّم هذه الدراسات بهدف البحث بشكل أكثر عمقاً، ويسمح هذا النوع بجمع المزيد من المعلومات قبل تطوير أسئلة البحث والفرضيات.
5- دراسات الحالة الآلية: تحدث عندما يسمح الفرد أو المجموعة للباحث بفهم أشياء عنهم أكثر ممّا هو واضح في البداية للمراقبين.
6- دراسات الحالة الجوهرية: تُعنى بدراسة الحالات التي يكون فيها لدى الباحث اهتمام شخصي بقضية البحث؛ كملاحظات جان بياجيه عن أطفاله؛ حيث تعتبر أمثلةً جيدةً لكيفية مساهمة دراسة الحالة الجوهرية في تطوير نظرية نفسية معينة.
7- دراسات الحالة التراكمية: تعمل على تجميع المعلومات من عدّة مواقع في أوقات مختلفة، والفكرة وراء هذه الدراسات هي أنّ جمع الدراسات السابقة سيسمح بمزيد من التعميم دون تكلفة إضافية أو وقت إضافي يُصرف على دراسات جديدة وربما تكون مكررة.
8- دراسات الحالة الحرجة: تدرس موقعاً واحداً أو أكثر بغرض فحص حالة ذات أهمية كبيرة، وفي هذه الحالة يكون الاهتمام بتعميم هذه الدراسة قليلاً، ويُركز أكثر على التشكيك أو الطعن في مسلمات عامة، وتُعد هذه الطريقة مفيدة في الإجابة عن أسئلة البحث المتعلقة بالسببية.
استخدامات دراسة الحالة:
تعتبر دراسة الحالة مهمةً وضروريةً في كثير من مجالات الدراسة والبحث ،وتعطي نتائج جيدة في سياقات عديدة منها ما يأتي:
– دراسة الحالة التي تهدف إلى اكتساب معرفة محددة ومتعمقة وسياقية حول موضوع معين في العالم الحقيقي، وذلك لأنّها تسمح باستكشاف الخصائص الرئيسية، والمعاني، والآثار المترتبة على الحالة التي قيد الدراسة.
– دراسة حالة معقّدة حيث تساعد على اكتشاف عوامل محددة بعمق، كما تُلقي الضوء على جوانب مهمة من مشكلة البحث، وتسمح كذلك بإجراء مقارنة عند إجراء دراسة حالات متعددة.
– تقديم الأطروحات؛ وذلك لأنها تُحافظ على تركيز الباحث، وتُساعده على إدارة البحث عندما لا يتوفر الوقت أو الموارد للقيام بأبحاث على نطاق واسع.
وتسلط الضوء على مشكلة محددة تعتبر مهمة للمجموعات أو للأفراد، وتختلف عن غيرها من الدراسات الاستكشافية بأنّ دراسة الحالة الاستكشافية عينتها صغيرة وتنتج عن دراسة الحالة مجموعة أسئلة تتعلق بأسباب إشكالية قضية البحث. دراسة الحالة التوضيحية: هي تشبه دراسة الحالة الاستكشافية،إلا أنّ المعلومات التي تقدمها دراسة الحالة التوضيحية تففسر الظواهر المتعلقة بقضية ما، و تتقصى الأسباب والطريقة الأفضل للتدخل لعلاجها، وتقدم وصفاً للحالة وعرضاً لنقاط القوة ونقاط الضعف، وتحدد خيارات واقعية للتعامل مع المشكلة. العناصر المكونة لدراسة الحالة.
توجد خمسة عناصر أساسية ترتبط بشكل مباشر بدراسة الحالة، بسبب الحاجة لوجود تعمق كبير في البحث، والحاجة إلى البيانات النوعية، وهذه العناصر هي:
1- الموضوع العام للبحث وأهدافه: تهدف دراسة الحالة إلى تفسير الروابط السببية التي أدت لحدوث قضية ما، لهذا فهناك حاجة للبحث بشكل معمق عن الأسباب التي لا يمكن الحصول عليها إلا من قبل أشخاص موثوق بهم في العمل الميداني لجمع البيانات وتحديد أهداف البحث من خلالها.
2- الباحث أو الباحثة: يجب أن يتمتع الباحث او الباحثة بالمهارات المطلوبة لدراسة الحالة، مثل طرح الأسئلة الجيدة، والقدرة على استنباط المدلولات والمعاني من الإجابات التي يعطيها المبحوثين، بالإضافة إلى مهارة الاستماع والانصات للمبحوثين، والقدرة على التأقلم عند حدوث أي مستجدات جديدة، مع ضرورة ألا يكون متحيزاً بآرائه أو مشتتاً بقضية مشابهة لقضيته.
3- مصادر المعلومات والأدلة: تشمل كافة مصادر المعلومات والوثائق والمقابلات والملاحظة المباشرة. وليس من الضرورة أن تستعمل جميع هذه المصادر في دراسة الحالة إنما يكفي أن يكون هناك تعدداً في مصادر جمع المعلومات بهدف تحقيق المصداقية.
4- الظروف المحيطة بالدراسة: يقصد بالظروف مكان القيام بدراسة الحالة وزمانها والظروف السكانية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والسائدة خلال إجراء الدراسة، وهي ضرورة من أجل عملية تحليل واستخلاص المعاني من إجابات المبحوثين وفحص مدى تأثيرها على سير البحث.
5- آلية العمل والمنهجية المتبعة في دراسة الحالة: تشمل مرحلة إعداد البحث وإنجازه، من حيث إعداد الخطة ثمّ العمل الميداني لجمع البيانات وعملية تحليلها وكتابة التقرير عن الحالة وعرضه.
كيفية إجراء دراسة الحالة :
يتبع إجراء دراسة الحالة خطوات معينة، وهي كما يأتي:
1- اختيار الحالة: تُختار الحالة، وتُوضع قيد الدراسة بعد وضع مشكلة وأسئلة البحث، وعلى عكس البحث الكمّي فإن عينة الدراسة لا تكون عشوائية تُختار عن قصد، ويُمكن أن تكون حالةً عادية، أو حالةً مُهمَلة، أو تُمثل فئة، أو تجربة، أو ظاهرةً معينة، والحالة الجيدة يجب اتّصافها بما يأتي:
– تُقدم رؤية جديدة أو غير متوقعة في موضوع البحث.
– تُمثل تحدياً للافتراضات والنظريات الحالية.
– تقترح مسارات عملية لحل مشكلة معينة.
– تفتح اتجاهات جديدة للبحث في المستقبل.
2- بناء الإطار النظري: تركز دراسة الحالة على التفاصيل أكثر من العموميات، ولكن هذا لا يعني أن تكون دراسة الحالة وصفاً منعزلاً لقضية البحث، بل يجب أن تُقدِّم وصفاً تكاملياً مع المعرفة الموجودة عن موضوع الدراسة عن طريق بناء إطار نظري يهدف إلى ما يأتي:
· تقديم نموذج لنظرية من خلال توضيح كيف تُفسِّر النظرية موضوع البحث.
· التوسّع في النظرية من خلال توضيح إمكانية ربط المفاهيم والأفكار الجديدة.
· تحدّي النظرية من خلال تقديم حالة شاذة لا تتناسب مع الافتراضات السائدة.
· التأكّد من الأساس الأكاديمي لتحليل قضية البحث؛ وذلك بمراجعة المصادر المتعلقة بقضية البحث، وتحديد المفاهيم والنظريات الأساسية لتوجيه التحليل والتفسير ضمن إطار واضح.
3- جمع البيانات: يُوجد هناك العديد من طرق البحث التي يُمكن استخدامها لجمع البيانات المتعلقة بالبحث، وتستخدم دراسة الحالة ما يُعرف باسم البيانات الكمية، ولكنّها دراسة في نطاق محدود، وغالباً ما تُجمع البيانات النوعية في هذا النوع من الدراسات باستخدام بعض الطرق، مثل: المقابلات، والملاحظة، وتحليل المصادر الأولية والثانوية، مثل: الصور، والمقالات الصحفية، والسجلات الرسمية، وتهدف عملية جمع البيانات إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من الفهم الشامل للقضية وسياقها.
4- وصف وتحليل الحالة: يحتاج الباحث في هذه المرحلة من البحث إلى ربط جميع الجوانب المتعلقة بموضوع البحث؛ وذلك لإعطاء صورة متكاملة عن الموضوع، وتعتمد طريقة عرض النتائج على نوع البحث حيث تُعرض أحياناً مع ورقة البحث، أو ضمن فصول منفصلة للطرق والنتائج، وتعتمد بعض الأبحاث الأسلوب السردي الذي يهدف إلى استكشاف الحالة من زوايا مختلفة، وتحليل معانيها باستخدام التحليل النصي أو تحليل الخطاب على سبيل المثال، وفي جميع الحالات يجب التأكّد من إعطاء تفاصيل متعلقة بسياق موضوع البحث، وربطها بالأدبيات وبالنظرية، كما يجب مناقشة كيفية تناسب هذه التفاصيل مع الأنماط السائدة أو كيفية اختلافها عنها.
محددات دراسة الحالة:
يوجد عدة محددات لاستخدام دراسة الحالة في البحث تعود لطبيعة الطريقة والزمن الذي يتمّ فيه البحث، ومنها ما يأتي:
· تفتقر دراسة الحالة إلى الدقة العلمية، ولا تُوفر أساساً قوياً لتعميم النتائج، وذلك لأنّه لا يُمكن التأكد مما إذا كانت الدراسة تضمّ كلّ أو أغلب الحالات المماثلة.
· تتأثّر دراسة الحالة بالشعور الشخصيّ للباحث أو بما يُعرف بتحيز الباحث، وذلك لأنّها تعتمد غالباً على تفسير الباحث للمعلومات التي حصل عليها بطريقة التحليل الوصفي.
· يُؤثر حجم البيانات والمحددات الزمنية على عمق التحليل الذي كان ممكناً ضمن الموارد المتاحة.
تستغرق دراسة الحالة وقتاً طويلاً وتكلفةً عالية.
اطلب الخدمة الآن
طلب خدمه